:: خلاط العصير ::






سبحان الله ، النفس البشرية في طبعها تحب البروز والظهور ، ويكثر هذا الطبع في مجتمعنا الكويتي ، حيث المجتمع المترف ، الذي لا يشغله الفقر ، ولا أي مشكلة أخرى ولله الحمد والمنة كباقي المجتمعات القريبة منا ، فتجد الظهور في الإعلام لكل من هبّ ودب ، بل أصبح الإعلام مكاناً آمناً ، وداعماً قوياً لأصحاب الاهتمامات البسيطة والسطحية وأحياناً كثيرة السخيفة منها ، ويشجعها ، فأيُ شابٍ طموح ٍ يريد نهضة البلد ، يقوم بخلط العصير وتقديمه ، أو بتصميم تي شيرت وبيعه ، هذا وغيره الكثير ، ما نراه في كثير من المعارض التي تزعم بأنها تقدم مواهب وكفاءات شبابية ، أهذه موهبة ؟؟؟ أهذا يستحق الظهور في الإعلام ؟؟؟ هل أصبح الظهور في الإعلام هو الانتصار الحقيقي ؟؟؟ ، لا شك بأنه مهم جداً لمن يملك رسالة سامية وهدف واضح ، أو علمٌ يُنتفع فيه ، ينفع به المجتمع ، ويجب أن اشير إلى نقطه مهمة جدا ، وهي أن يكون متمكناً منه ، لا أن يكون ضعيفا ، لا يقدر على إشباع رغبات المشاهدين في توصيل رسالته وعدم الإلمام الكافي والوافي بها ، وهدفه الوحيد هو الظهور ، ومثل هؤلاء الذين يستعجلون الظهور ، لا أملك لهم إلا أن أقول مقولة الإمام الشافعي : ( لا ترفع سعرك ، فيردك الله إلى ثمنك ) ، قال لي احد الأصدقاء : انه التقى ذات مرة الشيخ صالح المغامسي في منزله ، فبادر صديقي بسؤال الشيخ ، لماذا هذا التأخر في الظهور الإعلامي ياشيخ ؟ فرد عليه الشيخ قائلاً : كنت أدرس وأتعلم وأقرأ وأبحث طيلة أربعين سنة ، لكي أتمكن ، وفعلاً من يعرف الشيخ صالح المغامسي ، يعرف بأنه يأتي للمقابلات التلفزيونية والدروس والمحاضرات بدون تحضير ولا إعداد ، لكنها حصيلة أربعين سنة من العلم والصبر والمثابرة ، تتدفق الكلمات من فمه عند الحديث كما يتدفق النهر الجاري ، وانتشر انتشاراً واسعاً في مدة قياسية قصيرة ، يا الله ما أجمل أن تشاهد التلفاز ، وتستمتع بمشاهدة العظماء وما يقولون ، والمثقفين وما يحملون في جعبتهم ، والعلماء والحكماء والأدباء والشعراء ، أليس أفضل من خلاط العصير ؟؟؟
تابع القراءة